قرأت مذكرات كتبها المصور الفتوغرافي المغربي هشام بن هود عن تجربته الفرنسية في الفتوغرافيا.. حين قرر أن يصور العائلات في بيوتهم بوضعيات ليس لها علاقة بطبيعة حياتهم.. وضعيات يختارها هو.. و دون أن يجري معهم حوارًا أو يقبل منهم شيئًا حتى فنجان قهوة..!
لا شيئ يتبادلونه غير أوامر يستدعيها التصوير .. ثم يتركهم دون أن يأخذ منهم أو يعطيهم شيئًا.
يعقد الإتفاق بينهم مخرج تصوير .. و يأخذه للمكان ثم يرحل تاركًا الغرباء بين السلطة والإذعان.
صور المصور 30 عائلة في بيوتهم ومساحاتهم الحميمية والغريبة كليًّا بالنسبة له..
كانت الصور وكأنه اجتاحهم -كما عبّر عن ذلك-..وبصبغة عنف قبلوها لأنهم وافقو على الشروط منذ البداية.
تذكرت حينها كتابًا قرأته.. بدأت فكرته بمشروع لـ 10.000 صورة للغرباء في شوارع نيويورك. ثم أخذ المصور يجري بعض الحوارات القصيرة مع أصحاب الصورة وكانت النتيجة انفتاح الغرباء لمصور غريب .
أفضى الكثير بخصوصياتهم.. ومشاعر عميقة وكأن الحوارات العابرة كانت بمثابة جلسات اعتراف مصغرة جدًا..
دونها في كتابه Humans of New York: Stories
خلال خمس سنوات أصبح هناك نسخ لغرباء من 20 دولة أخرى.
“الغرباء، أصدقاؤك الذين لم يعرفوك بعد .. عاملهم بلطف.”― بدور كلداري
أحد الحسابات التي أتابعها منذ وقت طويل حساب على إنستغرام areyouhappyofficial@ مشروع وثاقي لفريق يتنقل في مناطق مختلفة في أمريكا ليسأل الغرباء سؤالًا واحدا هل أنت سعيد؟
يوثق الفريق مقتطفات من ردود الأشخاص على حساب في الإنستغرام.. وتجد فيه وجوهًا مختلفة وأفكار وسعادات تطل من وراء مظاهر رثه فقيرة .. وبؤس يفاجئك خلف مظهر لا يوحي به.
ردود تحمل قصصًا وزوايا تجعلك تستبصر السعادة في تفاصيل ما كنت لتراها.

“التحدث مع الغرباء يكون أكثر صدقاً، بحيث يبعث ما تكنّه في صدرك. إلا أن التحدث مع الأصدقاء والأقارب -أب وأم وزوجة وزوج وأخ وأخت- يشتمل على الكثير من المحظورات في اللاوعي: (لا تقل هذا، فقد يجرح شعوره. ولا تفعل ذاك فقد لا تحبه. ولا تتصرف على هذا النحو، والدك مسن وقد يُصدم) . وهكذا يواصل المرء عملية التحكم والمراقبة. فتسقط الحقيقة شيئا فشيئا إلى قبو كيانك، وتتمرس بالحذاقة والذكاء في استخدام التزييف. فتواصل الابتسام بابتسامات زائفة، مرسومة فقط على شفتيك.” -أوشو, العلاقة الحميمية: الثقة بالنفس وبالآخرين
الغرباء بئر راحلة..يرون بعضهم أوجهًا من الحياة. لا أحكام مطلقة ولاأمل في حظوة ولا خوف من خسارة..ولا إلزام.. وهذا وجه الإرتياح.
“في صدر الغريب دائمًا يرقد السرّ.” -ابراهيم الكوني